شهدت البلاد طيلة الـ24 ساعة الماضية موجة برد شديدة، خاصة في المرتفعات الغربية، تسببت في إنقطاع عديد الطرقات وعزلة كثير من القرى والمدن، وخلّفت أضرارا مادية، لاسيما على الشبكة الكهربائية داخل ولايات الشمال والوسط الغربيين، والتي أثرت بدورها على إمدادات الماء الصالح للشرب بهذه المناطق، كما خلفت الموجة وفاة إمرأة جرفت المياه سيارتها بولاية جندوبة، وكهل توفي متأثرا بالبرد الشديد في نفس الولاية.
تقلّبات شديدة وصور نمطيّة:
موجة البرد شدّت الأنظار مجدّدا للشريط الغربي الحدودي أين تهاطلت الثلوج على رؤوس الجبال وبعض المدن، في صورة نمطية يرى فيها البعض جمالا كبيرا، غير أن الواقع يُظهر العكس، حيث عاشت ولايات جندوبة والكاف وسليانة والقصرين، عديد الصعوبات خاصة في الجوانب الحياتية اليومية والإمدادات الأساسية التي تلزم الأهالي لمجابهة قساوة المناخ، حيثأكد الأهالي في تصريحات متطابقة لقناة نسمة أن موجة البرد التي شهدتها البلاد أمس، هي الأولى منذ فترة زمنية طويلة، خاصة وأن سمك الثلوج وصل غلى 70 سنتميترا في تالة وغيرها من الجهات.
هذا وهطلت أمطار غزيرة تسببت أيضا في ذوبان الثلوج وإمتلاء السدود والأودية بجندوبة والكاف، مما دفع السلط لتحذير المواطنين من فيضانات محتملة بهذه المناطق.
كما هبت رياح شديدة تسببت في سقوط أعمدة كهربائية بالقصرين، وغيرها.
خسائر بشرية غير منتظرة:
تسبب فيضان وادي بجر بولاية جندوبة أمس في إنقطاع بعض الطرقات، كما أدى سيلان الوادي إلى إنجراف سيارة كانت تقل إمرأة ورجليْن، وبينما نجا الرجلان بأعجوبة، فُقد أثر المرأة في الوادي المذكور، قبل أن تتمكن وحدات الحماية المدنية من العثور على جثتها عشية أمس.
كما أدت موجة البرد إلى وفاة كهل يعاني من إضطرابات نفسية، في جندوبة، متأثرا ببرودة الطقس.
خسائر مادية قياسية:
سجلت مصالح الشركة التونسية للكهرباء والغاز عديد الأضرار على مستوى الشبكة الكهربائية جراء سقوط خطوط وأعمدة كهربائية بكل من تالة وحيدرة وبئر شعبان وبولعابة وحاسي الفريد وساقية سيدي يوسف والجريصة والقصور والدهماني ومكثر والروحية نتيجة تقلبات مناخية استثنائية مصحوبة برياح عاتية وتساقط للثلوج تشهدها هذه الايام مناطق الشمال والوسط الغربي .
كما أكد مدير الشركة التونسية للكهرباء والغاز بالقصرين انيس السعيدي أمس، امكانية تواصل انقطاع التيار الكهربائي على معتمديات تالة، العيون ، حيدرة ، جدليان نظرا لانقطاع عدة طرق مؤدية اليها جراء تراكم الثلوج مع هبوب رياح قوية خلفت سقوط 28 عمودا كهربائيا في جدليان و43 عمودا في حيدرة، ليبلغ العدد الجملي 71 عمودا كهربائيا أتلفته الرياح.
طرق مقطوعة والسلطات تستنفر:
إثر تواصل تساقط الثّلوج ونزول الأمطار بعدد من ولايات الجمهوريّة، أعلنت الإدارة العامّة للحرس الوطني في بلاغ عشية أمس، عن انقطاع حركة المرور بحوالي 34 طريقا جهويا ووطنيا، خاصة بولايات القصرين وجندوبة والكاف وسليانة، حيث دعت الداخلية مستعملي الطريق إلى التعديل من السرعة وأخذ الاحتياطات اللاّزمة وترك مسافة الأمان والتّقيد بقواعد السّير والجولان وعدم المجازفة واستعمال الأضواء الرفافة أثناء التّنقّل.
هذا وأفادت وزارة الوطني في بلاغ لها، أنه تبعا لموجة البرد وتهاطل الأمطار وفيضان بعض الأودية التي شهدتها عدة مناطق وخاصة بجهة الشمال الغربي، قامت الوحدات العسكرية بتسخير حوالي 200 عسكري و17 معدة دارجة وتدخلت في ولاية القصرين حيث تم إجلاء عائلة متكونة من 5 أفراد بجهة “زلفان” (تالة) وفتح الطرقات المقطوعة بالمنطقة.
كما تم في ولاية جندوبة إجلاء 18 مواطن بمنطقة “عين سلطان” وإيوائهم بمركز التخييم والإصطياف بالجهة وإجلاء مواطن علقت سيارته بمنطقة “بلاريجيا”، جراء فيضان “وادي بجر” فضلا عن إجلاء 35 مواطن عالقين بسياراتهم (16 سيارة) وسط مدينة عين دراهم وإيوائهم بدار الشباب بالمكان.
وتم في ولاية الكاف إخلاء طفل من منطقة “الحراكطة” (تالة) إلى المستشفى المحلي بتالة، بعد تعرضه إلى توعك صحي.
هذا وتابعت اللجان الجهوية لمجابهة الكوارث وتنظيم النجدة الوضع بالجهات، حيث تم إتخاذ جملة من الإجراءات بالتنسيق مع بعض الوزارات، التي وضعت فضاءاتها ومصالحها على ذمة اللجان، والتي قامت بإيواء عدد من الأشخاص بين دور الشباب والثقافة والفضاءات الأخرى.